من منّا لم يواجه الفشل يوماً ما؟
ربّما معظمنا شعر بذلك الشعور السيّء عند إفساد مقابلة عمل، أو الرسوب في اختبار نهائي، أو التعرُّض للرفض من كليّة طالما حلمت أن تدرس بها، أو حتى الفشل في البقاء على حمية غذائية واتّباع نظام صحي.
نعم يمكن للفشل أن يكون واحداً من أصعب التجارب التي مررت بها في حياتك، تسودُّ الحياة في وجهك، تخسر توازنك، منطقك في التفكير، ويملؤك شعورٌ باهت بالحزن والمرارة، وقد يصل بك المطافُ إلى اتهام نفسك بالفشل التام، وبالعجز، أو تفقد ثقتك بنفسك كلياً.
لكنّك تغفل هنا جانباً إيجابياً، جانباً مشرقاً يأتي مع كل فشل أو خسارة: الدروس المستفادة والخبرات المتراكمة.
لذا سنسلط الضوء على خمسة من أهم الدروس التي قد يعلّمنا إياها الفشل.
الخبرة في العالم الحقيقي:
الفشل هو المعلّم الأفضل في هذه الحياة، فلا أحد قادر على نسيان أسباب فشله، وما هي الخطوات الخاطئة التي قام بها وتسببت بذلك. ولكن في الحقيقة نحن نتعلّم مع كل مرة نفشل فيها ويزداد فهمنا لهذه الحياة بسبب التجارب التي نخوضها سواء كانت إيجابية أم سلبية، ونصبح أقرب من العالم الحقيقي بتفاصيله وتجاربه الصعبة منها والسهلة.
الفشل يعلمنا تقبّل التغيير:
عندما نفشل، فهذا يعني في الغالب أنّنا قمنا بعمل خطأ ما، اتخذنا خطوة ما في الاتجاه الخاطئ، أو ربما في التوقيت الخاطئ.
لذا عليك أن تنظر بعين فاحصة: ما الذي تسبب بفشلي؟ ما الشيء الخاطئ الذي قمت به؟ وبعدها يمكنك اختيار طريقة أدقّ وأكثر صحة تجنّبك الفشل من جديد.
الجنون هو أن تقوم بنفس الشيء مرات ومرات وأن تتوقع نتيجة مختلفة في كل مرة
آلبرت آينشتاين
الفشل يعيد الرشد والتوازن:
غالباً وبعد كل فشل، تحدث عملية تقييم شاملة بشكل تلقائي، هي جزء من مرحلة التعافي الصحّي بعد الخسارة، يبدأ التقييم من نقطة الانطلاق مروراً بكل خطوة وكل سبب للخطأ أو الفشل.
وفي النهاية نتمكن من معرفة وتحديد ما هو مهمٌ بالنسبة لنا بالفعل، هل العمل وحده ما يُسعدنا أم باقي التفاصيل الحياتيّة الأخرى وهل نحن بحاجة إلى التوازن في حياتنا؟
فعلى سبيل المثال: لنعتبر أنك فشلت في إطلاق عمل خاص، تتعلّم حينها أهمية التجربة وتتذكّر الأسباب التي دفعتك للبدء في هذا العمل، ولربما يكون أحد هذه الأسباب الطموح في عيش حياة أفضل. نعم إنه لشيء عظيم وضروري، ولكن هنا قد يفوتك أمرٌ وأنت غارقٌ في العمل والبحث عن مصادر عيش جديدة دون أن تُعطي اهتماماً للتوازن في الحياة بين العمل والعلاقات الاجتماعية وحتى الأنشطة التي من شأنها أن تخفّف عنك وطأة التعب، وحينها تدرك أهمية الموازنة بين حياتك المهنية والاجتماعية والعاطفية أيضاً.
فالتوازن بين جوانب حياتك يخلق مصدراً يُستمد منه الطاقة والإصرار على الاستمرارية في تحقيق أهدافك.
الفشل يعلّم الصمود والصبر:
أنا لم أفشل، بل وجدت 10,000 طريقة لا يمكن للمصباح العمل بها
توماس أديسون
ربما تلّخص مقولة أديسون الشهيرة الكثير من المعاني، فهو لم يكن ليصل إلى الشكل النهائي للمصباح الكهربائي دون المرور بالآلاف من المحاولات والتجارب الفاشلة، والطموح الحقيقي بالنجاح يتحول إلى دافع هو الأقوى، يجعلنا نصمد ونتحمل مشقة الفشل مرة تلو الأخرى، فنصبح مع كل مرة أقوى من قبل، أكثر خبرة، وأكثر صبراً.
الفشل ليس النهاية:
قد يترك الفشل آثاراً طويلة الأمد، وقد تكون الخسارة صعبة التعويض. لكن مرحلة التعافي تبدأ لحظة إدراك حقيقة أن الفشل ليس نهاية طريقك، فقصتك لم تنتهِ مع خسارة مشروعك التجاري أو فشل اختراعك.
الحياة مليئة بالقصص المشابهة. ستيف جوبز مؤسس شركة آبل، على سبيل المثال، انطلق بتأسيس شركته من مرآب منزله، لتبدأ في أن تصبح إحدى أهم الشركات في العالم، اعتقد المسؤولين التنفيذيين فيها أنه لا يصلح أن يستمر فيها وحاولوا التخلّص منه، وطُرد من الشركة، ليعود في وقت لاحق ويصبح هو المدير التنفيذي لواحدة من أشهر وأقوى الشركات والعلامات التجارية في العالم.
عليك فقط أن توقن أنّ باباً آخر سيفتح أمامك، وأنه لازال في جعبتك الكثير لتقدمه وتعمل عليه، بل وقد يصبح الفشل دافعك الأهم لتبدأ من جديد وتنجح في مسعى آخر، لتثبت لنفسك وللآخرين أنك تستطيع حقاً، وأنك قادر على النجاح، بل وتستحقه.
وحدهم الذين يعملون، يفشلون ويقعون في الخطأ!
الفشل هو تجربةٌ مريرة وشرٌ لا بد منه، لكنّه المسار الصحيح نحو النجاح والوصول إلى الأهداف، فالانتصار غير سهل المنال من دون بذل الجهد. عليك فقط أن تؤمن بنفسك، تقيّم أخطاء الماضي، تتعلّم منها، وتبني وتضيف خبراتٍ جديدة على خبراتك، ثم تنطلق من جديد.
تعليقات
welcome
December 13, 2023
thank you
Mona
September 27, 2023
Great!
أضف تعليقاً